صفات عالم محمد زبير التيمي (الكويت)
ولد الشيخ عبد الرؤوف عبد الحنان الأشرفي عام 1375 من
الهجرة النبوية الموافق 18 يوليو 1956 الميلادي بقرية "سندهو" من قرى
لاهور التي تقع حاليا في نواحي قصور-بنجاب باكستان-
نشأ و ترعرع بفضل الله وكرمه في أسرة دينية سلفية علمية
منذ نعومة أظفاره، كان أبوه خريج المدرسة النظامية، و من أشهر مشايخه العلامة
الشيخ محمد الكوندلوي والعلامة الشيخ محمد إسماعيل السلفي-رحمهم الله جميعا-
وكان جده الشيخ محمد أشرف سندهو– رحمه الله من كبار
العلماء في باكستان، وله مؤلفات قيمة تصل إلى ثلاثين كتابا باللغة الأردوية،
والكتابان منها بالعربية، وهما: البشرى بسعادة الدارين في ترجمة السيد نذير
حسين، و أكمل البيان في شرح حديث
"النجد قرن الشيطان"
ومن أشهر مؤلفاته بالأوردية "نتائج التقليد"،
و "مقياس حقيقت" ، وهذا الكتاب عبارة عن رد على كتاب "مقياس
حنفيت" لأحد القبوريين الخرافيين-
كما كان جده للأم الشيخ عبد الحق رحمه الله تعالى الذي
هو أخو جده للأب، و جد زوجته للأب زاهدا عابدا وطبيبا ماهرا، له أيضا بعض
التاليفات منها: ضياء القرآن: ذكر فيه فضائل القرآن من الكتاب والسنة وبعض الأحكام
المتعلقة به-
وكان لجده ثلاثة إخوة،أحدهم جده للأم المذكور، والثاني
الشيخ عبد العزيز رحمه الله الذي هو جد زوجته للأم، و كان إماما خطيبا حسن الصوت،
له مجموعة من الرسائل في الرد على النصرانية- وأما أخوه الثالث فلم يكن يقرأ ولا
يكتب، ولكنه كان زاهدا عابدا-
وجده الأكبر يعني أبوجده الشيخ جمال الدين رحمه الله هو
أول من اعتنق العقيدة الصحيحة المستمدة من الكتاب والسنة وكان إماما وخطيبا لمسجد
في منطقته-
درس عند والديه أولا ومن ثم التحق بمدرسة القرية كالعادة
و درس الابتدائية ثم درس المتوسطة في المدرسة المتوسطة الحكومية للعلوم العصرية،
وبعدما انتهى من المتوسطة التحق بالجامعة السلفية بمدينة فيصل آباد باكستان وحصل
على شهادة الثانوية بتقدير جيد جدا عام 1979م ، وبعد الحصول على هذه الشهادة حفظ
الشيخ القرآن الكريم عن ظهر قلب نزولا على رغبة أمه الشديدة -رحمها الله- وتلبية
للشوق الذاتي." وان الله يرفع بهذا الكتاب أقواما ويضع به آخرين" فرفع
الله مكانة الشيخ بهذا الكتاب.
ثم التحق بالجامعة الإسلامية وحصل على شهادة الليسانس من
كلية الشريعة عام 1404 من الهجرة النبوية الموافق 1984 الميلادي بتقدير ممتاز.
بعد التخرج في الجامعة الإسلامية بالمدينة عين الشيخ
بوظيفة الإمام بدائرة الشؤون الإسلامية والأوقاف بالشارقة بدولة الإمارات العربية
المتحدة بتاريخ 27/12/1984م وعمل فيها إلي عام 2007م، كانت له أثناء وظيفته دروس
مستمرة في المسجد باللغة الأرودية وقد كلف فترة من الزمن من قبل الدائرة بإلقاء
الدروس في مختلف مساجد مدينة الشارقة للناطقين بالأردو. كما ألقى الشيخ دروسا
عديدة في مدن الدولة بطلب من بعض الناس الحريصين علي الدعوة.
وفي عام 1994 م كلف من قبل الدائرة بإلقاء خطبة الجمعة
باللغة الأردوية بصفة مستمرة، كما ألقى عدة خطب باللغة العربية. ولما أن الشيخ كان
متمكنا في الإفتاء ولديه رغبة أكيدة لتوجيه الناس إلى العقيدة الصحيحة و دعوتهم
إلى الكتاب والسنة فـ خصص مجلسا مع الناس بعد صلاة الجمعة للرد علي أسئلتهم
واستفساراتهم، وكان وقت المجلس لايقل عن نصف ساعة بل كان غالبا يمتد إلي أكثر من
ذلك وكان هذا المجلس مفيدا جدّا له وللناس.
وفي العام نفسه 1994م طلبت منه إدارة دار الفتح العمل
لديها في مجلس التحقيق العلمي فعمل فيه من عام 2001 م مع وظيفته لدي الدائرة، وفي
عام 1426هـ الموافق 2005 م حصل علي شهادة التقديرمن قبل دائرة الشؤون الإسلامية
والأوقاف بالشارقة بسبب جهده لإنجاح حملة المساجد وبالتالى شارك الشيخ في ندوات
عديدة باللغة الأردوية على تلفاز الشارقة كما ألقى دروسا عديدة علي إنترنت
(بالتوك) حوالي سنة و نصف تقريبا.
في عام 2007 انتقل الشيخ من دولة الإمارات العربية إلى
دولة الكويت و اشتغل إماما و خطيبا في مسجد تابع لقطاع المساجد بوزارة الأوقاف
والشئون الإسلامية بدولة الكويت، مسجده الذي كان يصلي بالناس يقع في منطقة جليب
الشيوخ من أكبر مساجد جليب الشيوخ،
و أنا أول ما تعرفت على الشيخ لما كنت طالبا في المتوسطة
بواسطة كتابه "القول المقبول في التعليق على صلاة الرسول" حيث ذاع صيته
في الأوساط العلمية آنذاك بسبب هذا الكتاب القيم، و كانت لي رغبة أكيدة أن التقي
بالشيخ وقد تم بحمد الله و توفيقه بعد قدومه إلى الكويت، و من حسن حظي أنني كنت
منذ سنوات تابعا للجالية الباكستانية التي كان الشيخ مسئولا عنها لدى إدارة
المساجد في وزارة الأوقاف و كنت أقدم إليه تقارير خطب الجمعة فتوفرت لي فرصة الاستفادة من الشيخ و كانت لي
معه جلسات عديدة خاصة فرأيته متواضعا جدا، يتحلَّى بالصِّفات الحميدة والأخلاق
النَّبيلة، كان يستقبلنا في غرفة الإمام و يحسن الضيافة و الغرفة أصلا ذاخرة بمكتبة الشيخ، و كنت استغل فرصة الجلوس
معه لطرح بعض الأسئلة العلمية و الفتاوى الدينية عليه فكان يجيب عنها في ضوء
الكتاب و السنة، و عندما كانت ترد علىّ أسئلة دينية دقيقة من الجاليات المسلمة
فكنت أراجع فيها الشيخ و أجد عنده جوابا شافيا كافيا.
و كانت له مشاركات محمودة في حضور الندوات و المجالس
العلمية، كما كانت له ستة دروس أسبوعيا باللغة الأردوية للناطقين بها و باللغة
العربية للعرب، و قد توفرت لي فرصة المشاركة في بعض دروسه لكتاب فقه السنة للسيد
سابق باللغة العربية، و كان الدكتور سائد حسني الدراعمة درس عند الشيخ كتاب روضة
الناظر لابن قدامة بتحقيق الشيخ و كتاب الرسالة للإمام الشافعي بتحقيقه أيضا و
ختمهما على الشيخ و في نهاية درسه طلب من الشيخ النصيحة فكانت هذه نصيحته:
https://www.youtube.com/watch?v=wy3V5w7UqvU
كما كان الشيخ يخطب في مسجد الساير الشرقي بالقبلة
بمدينة الكويت كل يوم الجمعة ويجلس بعد الجمعة للناس ويجيب على أسئلتهم
واستفساراتهم. و وقت المجلس لا يقل من نصف ساعة بل غالبا يزيد على نصف ساعة بالإضافة إلى انشغاله في الأعمال العلمية.علما
بأن الشيخ كان يجيد العربية والأردوية خطابة وكتابة والبنجابية خطابة فقط.
كان أحب العلوم إلى الشيخ أولا علم النحو، وعلم أصول
الفقه، وكان البحث الذي كتب في السنة الرابعةـ سنة التخرج- بكلية الشريعة بالجامعة
الإسلامية بالمدينة المنورة- زادهما الله عزا وشرفا- في أصول الفقه
بعنوان"مباحث في الأمر" ولكن بعد التخرج حبب إليه الحديث، والسبب الذي
دعاه إلى ذلك يصرحه الشيخ بقوله " ويرجع فضل ذلك إلي كتب الشيخ الألباني حيث
قرأتها بعد التخرج فكانت سببا لحبي للحديث، والحمد لله على هذه النعمة."
والشيخ له نشاطات في مجال التأليف والتحقيق باللغتين: العربية والأردوية.
وقد بلغت أعماله العلمية إلى أكثر من ثلاثين كتابا ما
بين تأليف وتخريج وتعليق، وقد قام مكتب الشئون الفنية بوزارة الأوقاف و الشئون
الإسلامية بطباعة بعض كتب الشيخ و توزيعها مجانا. أهداني الشيخ بعض تأليفاته لما
تشرفت بزيارته في مسجده بجليب الشيوخ. و قبل شهور لما سألت الشيخ عن أعماله
العلمية فقال: نيتي متجهة إلى العمل على كتب جدي تخريجا وتعليقا.
وفيما يلي بعض مآثره العلمية :
أولا: باللغة العربية
أ/ تأليفات
1 . فهرس الأحاديث والآثار الواردة في كتاب "المجروحين"
للحافظ ابن حبان (مطبوع)
2 . صفة التسمية عند الأكل والشرب وغيرهما من الأمور (مطبوع)
3 . أحسن المقال في تخريج حديث "كل أمر ذي
بال" (مطبوع)
4 . حكم رفع الأيدي في دعاء خطبة الجمعة للخطيب
والمستمعين (مطبوع)
5 . مصباح الزجاجة في تخريج وشرح خطبة الحاجة.
6 . رفع الالتباس عما يدعي يوم القيامة به الناس؟
7 . أبو شحمة وحقيقة القصة المنسوبة إليه.
8 . بلال مؤذن الرسول صلي الله عليه وسلم وسماع النبي
صلي الله عليه وسلم لخشف نعليه في الجنة هل وقع في المنام أم حصل ليلة المعراج؟
9 . سواطع القمرين في تخريج حديث"تركت فيكم
أمرين"
10 . فضل الصلاة في المساجد الثلاثة (مسودة)
11 . تنوير العينين بتخريج ما يقال بين السجدتين
12 . تنوير الأبصار بتخريج بعض أحاديث الأذكار ( أذكار
الوضوء)
13. هل حج يوم الجمعة أفضل من سبعين حجة ؟ ذكر الشيخ في
هذا الكتاب الذي يحتوى على 96 صفحة بالحجم المتوسط أنه لا أصل لهذة القضية
المشتهرة بين الناس في السنة ولا في قول صحابي ولا تابعي. ثم ذكر أمورا إذا اهتم
بها العبد المسلم فإن حجه قد يبلغ إلى أكثر من سبعين حجة بل إلى سبعمائة ضعف إلى
أضعاف كثيرة.
ب:- تخريجات وتعليقات
13 . جماع العلم للإمام الشافعي (تخريج وتعليق- مطبوع)
14 . القواعد النورانية الفقهية لشيخ الإسلام ابن
تيمية (تخريج وتعليق- مطبوع)
15 . تفسير ابن كثير (مراجعة التخريج) وقد طبع هذا الكتاب علي نفقة
سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي
عام 1419ه الموافق 1999م بتخريج وتعليق مجلس التحقيق العلمي بدار الفتح بالشارقة
وقد كلف الشيخ من قبل الدار بمراجعة التخريج من أوله إلي آخره وقد طبع الكتاب في
ثمان مجلدات).
16 .الرسالة للإمام الشافعي (تخريج وتعليق- مطبوع)
17 . روضة الناظر لابن قدامة ( مطبوع بمجلدين بشركة غراس
بالكويت)
18 . الطرق الحكمية لابن القيم (تخريج وتعليق)
19 . إعلام أهل العصر بأحكام ركعتي الفجر للعظيم آبادي-
صاحب عون المعبود شرح سنن أبي داود-(تعليق ومراجعة التخريج)
20 .الغمغمة في سنية التسمية عند الأطعمة وغيرها دون
البسملة للشيخ عبد الجليل السامرودي (تحقيق وتعليق)
ثانيا:باللغة الأردية
أ/تاليفات
21 .مسنون تسميہ (صفة
التسمية عند الأكل والشرب- مطبوع)
22 .مسنون نماز (صفة
الصلاة- مطبوع)
23 .مختصر مسنون نماز (مطبوع)
24
.احناف كى چند كتب پر ايك نظر (نظرة حول بعض كتب الحنفية - مطبوع)
25 .مقالات عبد الرؤوف: جمع الشيخ فيها مقالاته التي
كانت نشرت في المجلات المختلفة في باكستان والهند وكان قد أشار عليه بهذا العمل
الشيخ صلاح الدين يوسف مفسر القرآن الكريم باللغة الأردوية رحمه الله رحمة واسعة.
ب/تخريجات وتعليقات :
26 .كتاب صلاة الرسول صلي الله عليه وسلم (تخريج وتعليق)
بإسم القول المقبول في تعليق صلاة الرسول
27 .فلاح الدارين (أهمية
الصلاة) تأليف جد الشيخ/ الشيخ محمد اشرف رحمه الله (تخريج وتعليق- مطبوع)
28 .فرقة ناجيہ (تأليف جد الشيخ- تخريج
وتعليق- مطبوع)
29.مقياس حقيقت (في
الرد علي القبوريين ) تأليف جد الشيخ (تخريج وتعليق)
30 .دين اسلام كى تكميل تأليف
جد الشيخ (تخريج وتعليق) موضوع الرسالة:التمسك بالكتاب والسنة.
31 .سوےحرم (في مناسك الحج
والعمرة) تأليف فضيلة الشيخ محمد منير قمر سيالكوتي (تخريج – مطبوع) قام الشيخ
بتخريجه علي طلب من المؤلف وقد طبع الكتاب عدة طبعات، الأولي عام 1990 م .
32 .نقوش صحابه رضي الله عنهم تأليف عبد الحكيم فيضي
رحمه الله (تخريج وتعليق) ذكر المؤلف في رسالته هذه وقائع عديدة للصحابة رضي الله
عنهم في طاعتهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتمسكهم بهديه صلى الله عليه وسلم.
33 . پيارے رسول كى پيارى دعائیں: تأليف الشيخ عطاء الله
حنيف رحمه الله –صاحب التعليقات السلفية علي سنن النسائي-(تخريج وتعليق) الرسالة
في الأدعية والأذكار المأثورة.
34 .أبو شحمہ بن عمر بن الخطاب رضى الله عنہ اور ان
كى طرف منسوب قصہ كى اصل حقيقت
أولاده:
والشيخ لديه أربعة من الأولاد ابن، وثلاث بنات،
والابن اسمه عبد السلام وهو حافظ لكتاب الله وخريج الجامعة المحمدية بباكستان
ويعمل الآن في مجال الدعوة، كما أنه مسئول قسم تحفيظ القرآن الكريم لمركز الشيخ
"مركز التوعية الإسلامية" بقريته سندهو، وإحدى بنته أيضا حافظة لكتاب
الله تعالى وقد أخذت شهادة حفظ القرآن الكريم بتاريخ 3 أبريل 2012م من قبل وزارة
الأوقاف والشؤون الإسلامية بدولة الكويت- حرسها الله وشعبها.
آخر مرة تكلمت مع الشيخ لما كلفني للخطبة في غير المسجد
الذي كنت أخطب فيه فأردت التأكد من الشيخ قبل الذهاب إلى المسجد فاتصلت به فوجدت
كأن الشيخ لا يفهم الموضوع ثم اتصل بي خلال دقائق مرات عديدة و كل مرة يعيد نفس
الكلام، فترحمت على الشيخ و تعجبت من حالته حيث لم يكن مرتاح البال آنذاك، و خلال
أيام سمعت بأن الشيخ سقط على الأرض فتم إسعافه و إدخاله في مستشفى الفروانية، رقد
في المستشفي حوالى عشرة أيام و بعد الفحوصات الطبية العديدة ظهر بأن المرض يشتد
يوما فيوما، و تدهورت حالته الصحية بشكل مستمر و ضعفت قوته فسافر إلى باكستان و
أدخل في المستشفى العسكري المشترك و لكن الأجل المحتوم لا يتقدم و لا يتأخر حتى
وافته المنية عن عمر يناهز 66 عامًا، قضى غالبيتها في خدمة العلم والسنة
النبوية. ولا شك أن وفاته خسارة فادحة
للأمة الإسلامية و لا سيما جماعة أهل الحديث في شبه القارة الهندية، حيث فقدت
عالما جهبذا و محققا عظيما و فقيها متبحرا. و إثر هذا المصاب الجلل، نتقدم بتعازينا
لأسرة الفقيد، داعين المولى عز وجل أن يتغمده بواسع رحمته ويسكنه فسيح جنانه، و
يُلهم أهله وذويه جميل الصبر والسلوان.
اللهم اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه وأكرم نزله ووسع
مدخله واغسله بالماء والثلج والبرد ونقه من الذنوب والخطايا كما ينقى الثوب الأبيض
من الدنس، أحسن الله عزاءكم وعزاءنا